تواجه المراكز الحضرية في الشرق الأوسط تحديات متزايدة—من ازدحام مروري خانق، وتلوث بيئي، إلى شبكات نقل عام غير فعّالة. وفي هذا المشهد، يبرز صخر التون كقائدٍ صاحب رؤية، يقود مبادرات دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة النقل الحضري. هدفه طموح ولكنه واقعي: بناء نماذج نقل أكثر ذكاءً وأماناً واستجابة لاحتياجات السكان المتنامية. ويؤمن التون إيماناً راسخاً بأن المنطقة لا تحتاج ببساطة إلى *أنظمة نقل أكثر عدداً*، بل إلى *أنظمة أكثر ذكاءً*. في كلماته: “الذكاء الاصطناعي هو الأداة التي ستسد الفجوة بين البنى التحتية القديمة واحتياجات المدن الحديثة.”
الذكاء الاصطناعي كعمود فقري للتنقل العصري
النمو السكاني السريع والتوسع الحضري المتسارع يضعان ضغوطاً هائلة على شبكات النقل التقليدية. وفقاً صخر التون، لم يعد الاعتماد على نماذج التخطيط القديمة مجدياً. بدلاً من ذلك، يقدم الذكاء الاصطناعي مساراً تحولياً عبر الاستفادة من البيانات اللحظية والتحليلات التنبؤية لتصميم أنظمة نقل متكيفة.
يمكن لتقنيات التعلم الآلي تحسين جداول الحافلات والقطارات، التنبؤ بالطلب الفعلي للمسافرين، وتوزيع الموارد بشكل ديناميكي. يوضح التون أن المدن لا ينبغي أن تعمل وفق جداول جامدة، بل أن تتطور ساعة بساعة، بل دقيقة بدقيقة، بما يتماشى مع تدفق الركاب الفعلي.
رفع الكفاءة عبر الأنظمة الذكية
من أبرز مزايا الذكاء الاصطناعي قدرته على تحسين الكفاءة بشكل واسع. يتخيل التون مستقبلاً تتحرك فيه الحافلات بشكل تلقائي وفق كثافة الركاب والازدحام المروري، دون تدخل بشري. فعلى سبيل المثال، يمكن للأنظمة الذكية رصد الاختناقات المرورية على خط معين وإعادة توجيه الحافلات في غضون دقائق. هذه المرونة تعني أن الركاب يقضون وقتاً أقل في الانتظار ووقتاً أطول في التنقل. وتشمل الكفاءة أيضاً الصيانة، حيث تتيح التشخيصات التنبؤية اكتشاف الأعطال قبل وقوعها، ما يقلل من الأعطال المفاجئة ويطيل عمر الأساطيل.
تشير التجارب العالمية إلى أن المدن التي اعتمدت هذه الأنظمة نجحت في تقليص أوقات الانتظار بنسبة تصل إلى 30%. ويثق التون أن مدن الشرق الأوسط، إذا تحلت بالجرأة، يمكنها أن تتجاوز هذه النتائج. ويقول: “الكفاءة لا تعني فقط العمل بسرعة أكبر، بل تعني بناء أنظمة تتكيف في الزمن الحقيقي مع احتياجات الناس.”
إدارة ذكية لحركة المرور: حل لأزمة الازدحام
قلة من القضايا تؤثر على حياة سكان الشرق الأوسط اليومية مثل الازدحام المروري. ففي عواصم مزدحمة مثل بيروت والرياض والقاهرة، يمكن للاختناقات أن تشل مناطق بأكملها. يرى التون أن دمج الذكاء الاصطناعي في إدارة المرور هو الحل لفك هذه العقدة. بفضل النماذج التنبؤية، يمكن مزامنة إشارات المرور بشكل ديناميكي لتخفيف الاختناقات. كما يمكن إعطاء الأولوية لمركبات النقل العام خلال ساعات الذروة لضمان حركتها بسلاسة. النتيجة مزدوجة: تقليل أوقات التنقل، وخفض الانبعاثات الضارة. من خلال إعطاء الأفضلية لوسائل النقل المستدامة، يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الحياة ويعالج في الوقت نفسه قضية بيئية متنامية في المنطقة.
الأمن والسلامة أولاً
بالنسبة للتون، السلامة هي أساس الثقة في النقل العام. دور الذكاء الاصطناعي في الأمن يتجاوز المراقبة التقليدية. فأنظمة المراقبة الذكية قادرة على اكتشاف السلوكيات غير الطبيعية أو المخاطر المحتملة في الزمن الحقيقي، وتنبيه السلطات فوراً. كما يمكن للتحليلات التنبؤية توقّع الأعطال التقنية التي قد تؤدي إلى توقفات خطيرة. ويحصل السائقون ومراكز التحكم على دعم لحظي في اتخاذ القرارات، مما يسمح لهم بالتصرف بسرعة أثناء الطوارئ. ويؤكد التون: “الهدف أن يشعر كل راكب بالأمان، مهما كانت الظروف الخارجية.”
من النقل إلى التجربة: رحلة مخصصة للمسافرين
رغم أهمية البنية التحتية، يؤكد التون أن النقل العام يجب أن يخدم الناس أولاً وقبل كل شيء. وفي رؤيته، يشكل الذكاء الاصطناعي الجسر نحو تجارب سفر شخصية وسلسة. تخيل أن يتلقى الركاب:
*تحديثات فورية حول مواعيد الوصول والمغادرة
* تنبيهات عن الازدحام أو توافر المقاعد
* اقتراحات لمسارات بديلة بناءً على تفضيلاتهم السابقة
لا تضيف هذه الخصائص الراحة فقط، بل تشجع أيضاً على التحول الثقافي من الاعتماد على السيارات الخاصة إلى اعتماد أكبر على النقل العام الذكي. فالمسافر الذي يشعر بالراحة والاطمئنان سيكون أكثر ميلاً لاختيار وسائل النقل الجماعي.
تخطي العقبات نحو التحول الرقمي
على الرغم من الإمكانيات الهائلة، فإن الطريق نحو النقل المدعوم بالذكاء الاصطناعي ليس خالياً من التحديات. تحتاج المدن إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية، كما أن العادات الاجتماعية تفضل غالباً السيارات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، تبقى قضايا الخصوصية والأمن السيبراني محوراً حساساً. لكن التون يظل متفائلاً: “التحديات لا يجب أن تثبط عزيمتنا، بل أن تلهمنا للابتكار.” ويرى أن الحل يكمن في شراكات جريئة بين الحكومات والقطاع الخاص، قائمة على رؤية طويلة الأمد لمدن إنسانية ومتصلة.
نحو مدن أكثر ترابطاً وإنسانية
في جوهر فلسفة التون، النقل العام ليس مجرد وسيلة لنقل الأشخاص، بل أداة لإعادة تشكيل العلاقة بين الناس ومدنهم. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في كل مستويات منظومة النقل، يتخيل مدناً حضرية أكثر كفاءة، وأكثر شمولية واستدامة، والأهم أكثر إنسانية. ويختم قائلاً: “الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية للغد—إنه ضرورة لليوم.” تمثل قيادته نقطة تحول للشرق الأوسط، نحو مستقبل يصبح فيه النقل الذكي العمود الفقري للنمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والرفاه الاجتماعي.
تبرز مبادرات صخر التون في مجال النقل الذكي حقيقة أساسية: لا يمكن حل أزمات مدن الشرق الأوسط عبر توسيع النماذج القديمة. بل يتطلب الأمر إعادة ابتكار كاملة لمفهوم التنقل. ومن خلال تبني أنظمة ذكية وقابلة للتكيف، لا يعالج التون التحديات الحالية فحسب، بل يرسم أيضاً ملامح حقبة جديدة من الحياة الحضرية. في هذه الرؤية، يصبح النقل العام شريكاً ذكياً واستباقياً في حياة الناس اليومية—خطوة ضرورية لبناء مدن أكثر كفاءة وأماناً وترابطاً مع مواطنيها.
